(المشهد الأول)
( مقر فرقة مسرحية، يتجمع فيه عدد من الممثلين والممثلات، ويتوافد بعضهم الآخر بين الفينة والأخرى، يبدو على الجميع الانتظار، فالأستاذ فتحي لم يصل بعد، ويبدو أنَّ ثمة نقاشاً بين أعضاء الفرقة لم يحسم بعد).
سمير : لقد تأخر الأستاذ فتحي.
هيثم : ليست المرة الأولى التي يتأخر فيها مخرجنا.
سعاد : أنا عندما أتأخر خمس دقائق ينظر إليّ بعينين ناريتين، ويتمتم بكلمات كم أتمنى لو أفهمها.
وفاء : (مازحة) أنا أفهمها.. إنها محملة بمعاني الشتائم وموجهة لك ولأبيك.
برهان : أنتم تظلمون الأستاذ فتحي.. إنه لايشتم أحداً إلاَّ من أجل مصلحته ومصلحة العمل.
سمير : الآن عندما يحضر سوف أشتمه من أجل مصلحته ومصلحة العمل.
برهان : أنت بالذات لا يحق لك الكلام.. فالأستاذ فتحي يفضِّلك على جميع أعضاء الفرقة.
سمير : ولماذا لايفضلني، طالما أنَّ أعمال السخرة كلها تقع على كاهلي..
هيثم : إنك تقبض أجرتها دور البطولة في كل المسرحيات.
سمير : تُسند إليَّ أدوار البطولة- ياأستاذ - لأنه لايوجد في الفرقة من هو أفضل مني للعب هذه الأدوار
سعاد : إنك دون شك ممثل جيد لولا هذا الغرور الذي يمنعك من العيش مع الآخرين بسلام.
سمير : لست بحاجة إلى نصائحك وتحليلاتك الفلسفية العقيمة.
برهان : لاتتكلم بهذه الطريقة مع زملائك، لو لم نعرفك جيداً، ونعرف أن قلبك أنقى من قلب طفل، لما كلمناك أبداً..
سمير (يشعر بالإحراج، فيحاول تغيير الموضوع)
المهم، هل ستُخبرون الأستاذ فتحي بالمسلسل.
غسان : أنت تعرف رأيه بالمسلسلات، ولاأعتقد أنه سيوافق.
سمير : ولماذا لا يوافق؟ هذه فرصة لنا جميعاً، وعندما يرانا متفقين على العمل، فلا شك أنه سيوافق ويقتنع بالأمر الواقع..
وفاء : طريقة لوي الذراع هذه لا يحبها الأستاذ فتحي، ولا يجوز أن نستخدمها معه.
سمير : ولكن ماذا يعطينا الأستاذ فتحي؟ ماذا يقدم لنا؟.. ثلاثة أشهر من التدريبات المستمرة، على حساب وقتنا، وعائلاتنا، ماذا تأخذون في نهاية العمل؟ مكافأة لاتشتري قميصاً.. تسعة مشاهد في التلفزيون، في يوم أو يومي تصوير، تقبض ثمنها ما يعادل راتب ثلاثة موظفين، ناهيك عن الشهرة، فأنت تمثل عشرين مسرحية ولا أحد يسمع بك، بينما تظهر على التلفزيون مرَّة واحدة، ترى السَّمان والجزار والحذاء وبائع الخضار وصبايا الحي يحيونك باحترام.
غسان : ولكنْ للمسرح متعته.
سمير : لاتحدثني عن المتعة والفائدة، والرسالة السامية، والحالة الفكرية، والمشهد الثقافي، فالأستاذ فتحي ملأ أنفى بهذه الخطابات.. وأصبحت أعرفها أكثر منه، حتى الأستاذ فتحي لم يعد مقتنعاً بهذه الأمور.. هل بإمكانكم أن تقولوا لي، لماذا عزف مخرجنا الملتزم عن الأعمال العبثية والتراجيدية الصعبة، ولجأ في الآونة الأخيرة إلى الكوميديا؟
برهان : ولكن الكوميديا التي نقدمها.. كوميديا راقية، كوميديا موقف، بعيدة عن الصراخ والتهريج، وإلقاء النكات الرخيصة.
سمير : المهم أنه أصبح يهتم بالكوميديا، بعد أن عقَّدنا وعقَّد الجمهور بالأعمال (يقلّد الأستاذ فتحي) التي تخاطب العقل وتحرضه على اتخاذ موقف إزاء ماهو طبيعي.
سعاد : ومن قال لك، إن الكوميديا لاتخاطب العقل؟
سمير : عدنا إلى الفلسفة والتنظير، ولكن الحق ليس عليكم، فأنتم لم تتعاملوا مع مخرج غير الأستاذ فتحي، ولقد جلدكم بهذه الوصايا التي لن تتخلصوا من عبئها أبداً.
وفاء : طيب! قل لنا يا أيها الفنان العظيم، لماذا يهتم أستاذنا بالكوميديا هذه الأيام؟
سمير : لأن مسرحية " الذئاب الصامتة" التي قدمناها منذ ثلاث سنوات لم يحضرها أكثر من خمسمائة متفرج خلال ستة عروض، ومسرحية "العنكبوت" التي لعبتُ فيها دور البطولة، وأنتم كلكم كنتم أشباحاً وراء الستار، لم يأت إليها أكثر من مائة شخص ثم توقف العرض، أما مسرحية "حكاية رجل قتل حماته" التي قدمناها السنة الفائتة، فإنها شدت انتباه الجمهور والصحافة، ومدّدنا عرضها أكثر من مرة.. الجمهور لايريد أن يجلده أحد في صالة مظلمة بنصائح وشعارات، إنه يدفع ثمن التذكرة ليضحك ويتسلى.. افهموها، فهي لا تحتاج إلى تعقيد..
( يدخل الأستاذ فتحي وقد بدا عليه الإحراج لتأخره عن موعد البروفة- يتجه نحو مكتبه ويضع الحقيبة ويُخرج منها أوراقاً كثيرة)
الأستاذ فتحي: أنا آسف يا جماعة، فالحق ليس عليّ، بل على آلة التصوير والكهرباء. لقد وعدتكم أن أوزع عليكم المقال الذي ترجمه الدكتور سامح حول المسرح الياباني، وبالفعل ذهبت إلى المكتبة قبل ساعتين.. إلاّ أن الآلة تسخن بعد تصوير عشرين ورقة ويجب أن ترتاح بعدها ربع ساعة، والكهرباء أيضاً أرادت أن ترتاح نصف ساعة.. ولكن لابأس، فها هو المقال بين أيدينا الآن، (يتوجه إلى سمير) تعال سمير وزع هذه الأوراق على الزملاء.
سمير : (يتقدم باتجاه مكتب الأستاذ فتحي ويأخذ الأوراق) ولكن.. أستاذ... هناك موضوع كنا نريد أن نتحدث.. (يقاطعه).
الأستاذ فتحي : كلكم؟.
سمير : كلنا.. كنا نريد أن نقول لك إن كان ثمة من إمكانية للعمل مع.. مع الأستاذ فرزت.. فلقد عرفنا أنه وصل بالأمس مع (كاست) العمل و...
الأستاذ فتحي : (غاضباً) ويريد كومبارساً، ليقفوا في خلفيات مشاهده.. وأنتم مستعدون طالما أنكم ستقتربون من النجوم وتقبضون مالاً عظيماً تتغلبون فيه على قهر الحياة وبؤسها! (يحاول سمير أن يتكلم فيقاطعه الأستاذ فتحي غاضباً) كفى.. لقد تكلمنا في هذه الأمور مرات ومرات... أنتم أحرار. جميعكم أحرار، وهذه الفرقة لا تقدم لكم رواتب شهرية، وأنتم غير ملزمين بالعمل، فمن أراد أن يبقى، فأهلاً وسهلاً، ومن أراد أن يذهب، فالباب كبير..!
هيثم : ولكن يا أستاذ.. لماذا لانتحاور؟ ، التلفزيون جاء إلينا ونحن لم نذهب إليه وهي فرصة طيبة لكل الذين يعملون في مجال المسرح من ثلاثين سنة ولم يسمع بهم أحد في هذه المدينة.
الأستاذ فتحي : ومن قال لك، إنَّ أحداً لم يسمع بكم. إنَّ الجمهور الذي لم يكن موجوداً من قبل، وبفضل أعمال فرقتنا والفرق الأخرى التي تحترم المسرح، صار ينتظر جديدكم ويقدر فنكم..
سعاد : ولكنك قاسٍ جداً على التلفزيون ياأستاذ، بالرغم من معرفتك بأن معظم الممثلين في التلفزيون كانوا من هواة المسرح ومحترفيه.
الأستاذ فتحي : أنا لست ضد التلفزيون ياسعاد، على العكس، هناك أعمال مهمة جداً ستبقى خالدة في أذهان الناس، وأنا متأكد بأنه سيكون هناك أعمال في المستقبل تضاهيها، ولكن أنا ضد أن يقتحم التلفزيون كل شيء حتى المسرح ويلغيه. أنا ضد هذا التكرار السخيف للحكايات التلفزيونية التي تستلب عقل المشاهد وتهمش وعيه، أنا ضد أن يمارس التلفزيون سلطته المادية على فناني المسرح.
سمير : (برماً) ولكن المسرح لايطعم خبزاً يا أستاذ (يحاول الأستاذ فتحي أن يرد على سمير بحدة، فتقاطعه وفاء).
وفاء : بل يطعم شهداً يا فنان.. هل تعرف أن عدداً لابأس به من نجوم السينما في أوربا لاذوا بالمسرح في الآونة الأخيرة؟
برهان : بعدما دُججت خزائن البنوك بأموالهم جاؤوا ليتسلوا على خشبة المسرح.
وفاء : بل جاؤوا ليتمتعوا، ليشعروا باللذة التي لايعرفها إلاَّ من وقف على الخشبة
(تلتفت إلى الأستاذ فتحي)، أليس كذلك أستاذ؟.
سمير : كلام.. كلام.
الأستاذ فتحي : هذا ليس كلاماً.. بل حقيقة.. ولنؤجل هذا النقاش إلى وقت آخر لو سمحتم ولنبدأ العمل، هذا النص الجديد الذي بين أيدينا سيحدث هزة.
سمير : (بصوت منخفض) وكم من هزات تحدث دون أن يشعر بها أحد.
الأستاذ فتحي : دعونا نقرأ النص.
غسان : هل ستوزع الأدوار اليوم يا أستاذ؟
الأستاذ فتحي : قد أوزعها اليوم.
سعاد : لقد حفظنا الأدوار تماماً.
الأستاذ فتحي : طيب.. لنقرأ المسرحية مرة أخرى.
سعاد : ولكن ليس قبل أن نشرب الشاي.
هيثم : اليوم دور برهان.
برهان : من يومين كان دوري..
(لغط بين أعضاء الفرقة وقد ساد جو من الودِّ والتفاهم).
الأستاذ فتحي : لاتختلفوا.. الورقة معي.. لحظة
(يبحث عن ورقة في حقيبته ثم يقرأ فيها) اليوم دور غسان بتحضير الشاي ودور برهان بغسل الفناجين..
إطفـــــاء
( مقر فرقة مسرحية، يتجمع فيه عدد من الممثلين والممثلات، ويتوافد بعضهم الآخر بين الفينة والأخرى، يبدو على الجميع الانتظار، فالأستاذ فتحي لم يصل بعد، ويبدو أنَّ ثمة نقاشاً بين أعضاء الفرقة لم يحسم بعد).
سمير : لقد تأخر الأستاذ فتحي.
هيثم : ليست المرة الأولى التي يتأخر فيها مخرجنا.
سعاد : أنا عندما أتأخر خمس دقائق ينظر إليّ بعينين ناريتين، ويتمتم بكلمات كم أتمنى لو أفهمها.
وفاء : (مازحة) أنا أفهمها.. إنها محملة بمعاني الشتائم وموجهة لك ولأبيك.
برهان : أنتم تظلمون الأستاذ فتحي.. إنه لايشتم أحداً إلاَّ من أجل مصلحته ومصلحة العمل.
سمير : الآن عندما يحضر سوف أشتمه من أجل مصلحته ومصلحة العمل.
برهان : أنت بالذات لا يحق لك الكلام.. فالأستاذ فتحي يفضِّلك على جميع أعضاء الفرقة.
سمير : ولماذا لايفضلني، طالما أنَّ أعمال السخرة كلها تقع على كاهلي..
هيثم : إنك تقبض أجرتها دور البطولة في كل المسرحيات.
سمير : تُسند إليَّ أدوار البطولة- ياأستاذ - لأنه لايوجد في الفرقة من هو أفضل مني للعب هذه الأدوار
سعاد : إنك دون شك ممثل جيد لولا هذا الغرور الذي يمنعك من العيش مع الآخرين بسلام.
سمير : لست بحاجة إلى نصائحك وتحليلاتك الفلسفية العقيمة.
برهان : لاتتكلم بهذه الطريقة مع زملائك، لو لم نعرفك جيداً، ونعرف أن قلبك أنقى من قلب طفل، لما كلمناك أبداً..
سمير (يشعر بالإحراج، فيحاول تغيير الموضوع)
المهم، هل ستُخبرون الأستاذ فتحي بالمسلسل.
غسان : أنت تعرف رأيه بالمسلسلات، ولاأعتقد أنه سيوافق.
سمير : ولماذا لا يوافق؟ هذه فرصة لنا جميعاً، وعندما يرانا متفقين على العمل، فلا شك أنه سيوافق ويقتنع بالأمر الواقع..
وفاء : طريقة لوي الذراع هذه لا يحبها الأستاذ فتحي، ولا يجوز أن نستخدمها معه.
سمير : ولكن ماذا يعطينا الأستاذ فتحي؟ ماذا يقدم لنا؟.. ثلاثة أشهر من التدريبات المستمرة، على حساب وقتنا، وعائلاتنا، ماذا تأخذون في نهاية العمل؟ مكافأة لاتشتري قميصاً.. تسعة مشاهد في التلفزيون، في يوم أو يومي تصوير، تقبض ثمنها ما يعادل راتب ثلاثة موظفين، ناهيك عن الشهرة، فأنت تمثل عشرين مسرحية ولا أحد يسمع بك، بينما تظهر على التلفزيون مرَّة واحدة، ترى السَّمان والجزار والحذاء وبائع الخضار وصبايا الحي يحيونك باحترام.
غسان : ولكنْ للمسرح متعته.
سمير : لاتحدثني عن المتعة والفائدة، والرسالة السامية، والحالة الفكرية، والمشهد الثقافي، فالأستاذ فتحي ملأ أنفى بهذه الخطابات.. وأصبحت أعرفها أكثر منه، حتى الأستاذ فتحي لم يعد مقتنعاً بهذه الأمور.. هل بإمكانكم أن تقولوا لي، لماذا عزف مخرجنا الملتزم عن الأعمال العبثية والتراجيدية الصعبة، ولجأ في الآونة الأخيرة إلى الكوميديا؟
برهان : ولكن الكوميديا التي نقدمها.. كوميديا راقية، كوميديا موقف، بعيدة عن الصراخ والتهريج، وإلقاء النكات الرخيصة.
سمير : المهم أنه أصبح يهتم بالكوميديا، بعد أن عقَّدنا وعقَّد الجمهور بالأعمال (يقلّد الأستاذ فتحي) التي تخاطب العقل وتحرضه على اتخاذ موقف إزاء ماهو طبيعي.
سعاد : ومن قال لك، إن الكوميديا لاتخاطب العقل؟
سمير : عدنا إلى الفلسفة والتنظير، ولكن الحق ليس عليكم، فأنتم لم تتعاملوا مع مخرج غير الأستاذ فتحي، ولقد جلدكم بهذه الوصايا التي لن تتخلصوا من عبئها أبداً.
وفاء : طيب! قل لنا يا أيها الفنان العظيم، لماذا يهتم أستاذنا بالكوميديا هذه الأيام؟
سمير : لأن مسرحية " الذئاب الصامتة" التي قدمناها منذ ثلاث سنوات لم يحضرها أكثر من خمسمائة متفرج خلال ستة عروض، ومسرحية "العنكبوت" التي لعبتُ فيها دور البطولة، وأنتم كلكم كنتم أشباحاً وراء الستار، لم يأت إليها أكثر من مائة شخص ثم توقف العرض، أما مسرحية "حكاية رجل قتل حماته" التي قدمناها السنة الفائتة، فإنها شدت انتباه الجمهور والصحافة، ومدّدنا عرضها أكثر من مرة.. الجمهور لايريد أن يجلده أحد في صالة مظلمة بنصائح وشعارات، إنه يدفع ثمن التذكرة ليضحك ويتسلى.. افهموها، فهي لا تحتاج إلى تعقيد..
( يدخل الأستاذ فتحي وقد بدا عليه الإحراج لتأخره عن موعد البروفة- يتجه نحو مكتبه ويضع الحقيبة ويُخرج منها أوراقاً كثيرة)
الأستاذ فتحي: أنا آسف يا جماعة، فالحق ليس عليّ، بل على آلة التصوير والكهرباء. لقد وعدتكم أن أوزع عليكم المقال الذي ترجمه الدكتور سامح حول المسرح الياباني، وبالفعل ذهبت إلى المكتبة قبل ساعتين.. إلاّ أن الآلة تسخن بعد تصوير عشرين ورقة ويجب أن ترتاح بعدها ربع ساعة، والكهرباء أيضاً أرادت أن ترتاح نصف ساعة.. ولكن لابأس، فها هو المقال بين أيدينا الآن، (يتوجه إلى سمير) تعال سمير وزع هذه الأوراق على الزملاء.
سمير : (يتقدم باتجاه مكتب الأستاذ فتحي ويأخذ الأوراق) ولكن.. أستاذ... هناك موضوع كنا نريد أن نتحدث.. (يقاطعه).
الأستاذ فتحي : كلكم؟.
سمير : كلنا.. كنا نريد أن نقول لك إن كان ثمة من إمكانية للعمل مع.. مع الأستاذ فرزت.. فلقد عرفنا أنه وصل بالأمس مع (كاست) العمل و...
الأستاذ فتحي : (غاضباً) ويريد كومبارساً، ليقفوا في خلفيات مشاهده.. وأنتم مستعدون طالما أنكم ستقتربون من النجوم وتقبضون مالاً عظيماً تتغلبون فيه على قهر الحياة وبؤسها! (يحاول سمير أن يتكلم فيقاطعه الأستاذ فتحي غاضباً) كفى.. لقد تكلمنا في هذه الأمور مرات ومرات... أنتم أحرار. جميعكم أحرار، وهذه الفرقة لا تقدم لكم رواتب شهرية، وأنتم غير ملزمين بالعمل، فمن أراد أن يبقى، فأهلاً وسهلاً، ومن أراد أن يذهب، فالباب كبير..!
هيثم : ولكن يا أستاذ.. لماذا لانتحاور؟ ، التلفزيون جاء إلينا ونحن لم نذهب إليه وهي فرصة طيبة لكل الذين يعملون في مجال المسرح من ثلاثين سنة ولم يسمع بهم أحد في هذه المدينة.
الأستاذ فتحي : ومن قال لك، إنَّ أحداً لم يسمع بكم. إنَّ الجمهور الذي لم يكن موجوداً من قبل، وبفضل أعمال فرقتنا والفرق الأخرى التي تحترم المسرح، صار ينتظر جديدكم ويقدر فنكم..
سعاد : ولكنك قاسٍ جداً على التلفزيون ياأستاذ، بالرغم من معرفتك بأن معظم الممثلين في التلفزيون كانوا من هواة المسرح ومحترفيه.
الأستاذ فتحي : أنا لست ضد التلفزيون ياسعاد، على العكس، هناك أعمال مهمة جداً ستبقى خالدة في أذهان الناس، وأنا متأكد بأنه سيكون هناك أعمال في المستقبل تضاهيها، ولكن أنا ضد أن يقتحم التلفزيون كل شيء حتى المسرح ويلغيه. أنا ضد هذا التكرار السخيف للحكايات التلفزيونية التي تستلب عقل المشاهد وتهمش وعيه، أنا ضد أن يمارس التلفزيون سلطته المادية على فناني المسرح.
سمير : (برماً) ولكن المسرح لايطعم خبزاً يا أستاذ (يحاول الأستاذ فتحي أن يرد على سمير بحدة، فتقاطعه وفاء).
وفاء : بل يطعم شهداً يا فنان.. هل تعرف أن عدداً لابأس به من نجوم السينما في أوربا لاذوا بالمسرح في الآونة الأخيرة؟
برهان : بعدما دُججت خزائن البنوك بأموالهم جاؤوا ليتسلوا على خشبة المسرح.
وفاء : بل جاؤوا ليتمتعوا، ليشعروا باللذة التي لايعرفها إلاَّ من وقف على الخشبة
(تلتفت إلى الأستاذ فتحي)، أليس كذلك أستاذ؟.
سمير : كلام.. كلام.
الأستاذ فتحي : هذا ليس كلاماً.. بل حقيقة.. ولنؤجل هذا النقاش إلى وقت آخر لو سمحتم ولنبدأ العمل، هذا النص الجديد الذي بين أيدينا سيحدث هزة.
سمير : (بصوت منخفض) وكم من هزات تحدث دون أن يشعر بها أحد.
الأستاذ فتحي : دعونا نقرأ النص.
غسان : هل ستوزع الأدوار اليوم يا أستاذ؟
الأستاذ فتحي : قد أوزعها اليوم.
سعاد : لقد حفظنا الأدوار تماماً.
الأستاذ فتحي : طيب.. لنقرأ المسرحية مرة أخرى.
سعاد : ولكن ليس قبل أن نشرب الشاي.
هيثم : اليوم دور برهان.
برهان : من يومين كان دوري..
(لغط بين أعضاء الفرقة وقد ساد جو من الودِّ والتفاهم).
الأستاذ فتحي : لاتختلفوا.. الورقة معي.. لحظة
(يبحث عن ورقة في حقيبته ثم يقرأ فيها) اليوم دور غسان بتحضير الشاي ودور برهان بغسل الفناجين..
إطفـــــاء